بحث حول وسائل الاعلام و المجتمع _ ilyas zarouali
بحث حول وسائل الاعلام و المجتمع _ ilyas zarouali
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على المبعوث
رحمة للعالمين و على أله و صحبه أجمعين و على التابعين ومن تبعهم الى يوم الدين .
أما بعد ...
فقد عرفت المجتمعات العالمية في الاونة الاخيرة حالة
هائلة من التطور في وسائل الاعلام و الاتصال نتيجة التقدم العلمي الكبير و الثورة
التكنولوجية التي يشهدها العالم ، و قد كان لهذا التطور و التقدم انعكاسات على
أنماط حياة الافراد و قد أصبحنا نلاحظ تغيرات متسارعة في ثقافة و فكر و سلوك أفراد
المجتمع و التي تعزى الى تلك الوسائل الاعلامية الحديثة التي أضحى العالم مع
وجودها عبارة عن قرية صغيرة ، ومازال العالم يصغر شيئا فشيئا مع هذا التطور الهائل
في المجال التكنولوجي و المعلوماتي .
فبعد الثورة التقدمية التي فاقت كل التوقعات و التصورات
أصبح العالم مجرد كرة متحكم فيها و قد نتج عن هذا التطور تغيرات جمة كان من
نتائجها ظهور عشرات الالاف من القنوات الفضائية و انتشار أجهزة الاستقبال في كل
مكان و زمان و الحاجة الماسة للاتصال بالأنترنيت ناهيك عن ظهور عدد هائل من
المواقع و الصفحات الالكترونية و بروز مواقع التواصل الاجتماعي بشكل لافت و مؤثر ،
بعد كل هذه التحولات أصبحت و سائل الاعلام منتشرة و مسيطرة على كل مكان و زمان من
خلال استغلال التكنولوجيا المتطورة لنشر أفكارها و تنفيد مخططاتها .
فلإعلام حاليا يتخطى كل الحدود و يخترق كل المسافات و
الازمنة فقد أصبح الفرد يرى العالم و يسمعه من مقعده و يعرف كل ما يجري حوله ،
فالعالم الآن أصبح وحدة اعلامية شاملة الشيء الذي أدى الى ازالة الحدود و اختزال
المسافات و الازمنة و الغاء الجغرافيا ، فزيادة على ذالك فالاعلام لم يقتصر على
اختراق الحدود السياسية و المكانية بل تجاوز ذالك الى الغاء الحدود الثقافية و
العقدية و الايديولوجية و أصبح الفرد و جها لوجه أمام الاعلام تحت علاقة المؤثر و
المتأثر .
ومع كل هذه المعطيات أصبحث العلاقة بين الاعلام و
المجتمع علاقة استغلال و تأثير واضح فقد أصبحت وسائل الاعلام تحاول بسط نفودها عبر
استغلال ايديولوجية الافراد ومن تم التأثير عليهم و ترسيخ بعض الافكار و القيم
التي يسعى أصحاب هذه الوسائل الى نشرها في المجتمع و التأثير على العادات و
الثقافات الموجودة فيها ، فتأثير و سائل الاعلام على المجتمعات أصبح واضح للعيان
فمجتمعاتنا باتت متغيرة و مختلفة على ما كانت عليه من قبل ، فمع التطور الذي عرفته
وسائل الاعلام أضحى المجتمع يعرف تغيرات واضحة في أنماط حياة الافراد و كذلك على
المستوى الثقافي و العقدي نتيجة التأثر الناجم عن متابعة و سائل الاعلام و كل ما
يبث فيها ، فقد عملت هذه الوسائل على هدم قيم و أفكار و عادات معينة و تثبيت
مكانها أفكار و سلوكات دخيلة على مجتمعاتنا و حضارتنا الاسلامية .
و بالرغم من كل هذا فالإعلام يلعب أدوار مهمة في حياتنا
اليومية من خلال اخبارنا بأخر الاخبار و التطورات و الحوداث التي تحصل في العالم و
كذالك من خلال تثقيف الافراد و تقديم لهم المتعة و التسلية ، فالاعلام ايجابي و
سلبي مرتبط بطبيعة الاستخدام . و قد عرف الاعلام تطورات سريعة الشيء الذي نقل
الحروب من ساحات المعارك الى الساحة الاعلامية عبر القنوات و مواقع الأنترنيت و لا
سيما بعد أن ظهر لأعداء الاسلام تأثير هذه الوسائل و مدى نجاعتها و قلة خسائرها ،
فالغزو الفكري أشد و أقوى من الغزو العسكري نظرا الى أنه يستهدف تغير الاتجاهات و
الاراء و الافكار .
وقد جاء هذا البحث لبيان حقيقة الغزو الاعلامي الذي
تتعرض له المجتمعات و توضيح خطورته و المجالات التي يحاول النفود اليها من خلال
معرفة واقع المجتمعات مع تلك الوسائل و التنبيه بمخاطر و التأثيرات العقدية و
السلوكية و الثقافية و الاجتماعية التي تتضمنها تلك المواد البرمجية و المواقع
الالكترونية و التي تحمل في مضمونها أفكار و قيم و مبادئ دخيلة على مجتمعاتنا و
المراد ترسيخها في نفوس و عقول أفراد المجتمع و كذلك سنعمل على اقتراح عدد من
الوسائل التي يمكن من خلالها الحد من ثأثير وسائل الاعلام على المجتمعات و الشعوب
المختلفة .
و يبقى السؤال المطروح هنا هل يستطيع الفرد التشبت
بقيمه الاصلية و عاداته و ثقافته أم أنه سرعان ما سيسجد و يمثل أمام تلك الوسائل و
يصبح سجينا لها ؟
أضف تعليق